الأربعين مهرجاً

في أيام الملك الحسن الثاني تلك، كان للملك مجموعة تُسمى “الأربعين مهرجاً” (Les 40 bouffons ) يؤنسون الملك ويلقون عليه الشعر و يُضحكونه،وكانوا من حين إلى آخر يُسمح لهم بالخروج إلى الرباط وسلا، فكان وقعهم على الساكنةالبسيطةوالصغيرة حينها كوقع نجوم السينما.. لقد كان الحسن الثاني يجلس هؤلاء المؤنسين والمهرجين خلف ستار، أثناء تناوله طعام العشاء، فيشرعون في حكي نكتهم وقفشاتهم.

اليوم يعتقد الكثير أن واقعنا تغير، و أن المؤسسة السياسية في البلاد تبدو وكأنها قطعت مع هذه العادات و العهود، و أصبحت شبه المتقدمة و المتحضرة، و حتى و إذ رأى أكثر البعض أن القصر في البلاد لازال يحافظ على الكثير من طقوسه التي تُسمى ” الـمخزنية “، فإنه رغم ذلك تغيير و الذي أصبح ثابت حتى الآن، أن ثقافة الـمهرجين في البلاد لم يُقطع معها كما قيل تم القطع مع زمن ” تازمامارت ” و السنوات الرصاص.

المغاربة اليوم، يستشعرون ان المخزن لازال يستعمل هؤلاء المهرجون، غير أن التغير الوحيد الواضح هو أنه تم خصم واحد من الأربعين مهرجاً، و أصبحوا ” الأربعين مهرجاً ناقص واحد ” أي حكومة الأربعين وزيراً ناقص واحد، التي تؤنس المخزن وتلقي على المغاربة كثير من الشعر و المضحكات و المواقف المثيرة للضحك، في الماضي كان هؤلاء المهرجون الذين ربطوا أنفسهم بالحاكم حيث كانوا قريبين له، كلما خرجوا إلى وسط المدينة عند أهلها، كان الناس يتجهون إليهم طمعاً أنهم سيُحلون مشاكلهم او يتوسطون إليهم عند الحاكم، بكونهم الأقرب إليه، إلا أنهم ظلوا يقولون للناس أن الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نقدمه إليكم هو كثيراً من الضحك و حكي القوافي و نكت.

هـذا الحال، يتكرر اليوم كثيراً مع المغاربة، الذين يتخيلون أن للمغرب حكومة  و غرف برلمانية و مؤسسات و وزراء باستطاعتهم الوقوف على قضايا المغاربة وحل مشاكلهم، لطالما وأنهم يحكون علينا كثير من القفشات و النكت عبر جهاز يُسمى ” الـتلفزيون ” ، أكثر المهرجين نشاطاً بين هؤلاء هو رئيس حكومتنا، ولا أحد في المغرب يمكنه ان ينكر ان بنكيران لا يتقن ان يحكي نكت او يُضحك تجمعاً بشرياً، و حتى ولو كان مكون من عشيرته فقط.

هؤلاء المؤنسون للمخزن في البلاد، و الذين يُدافعون و يُغطون جرائمه و أخطائه و فضائحه، كانوا طيلة الحياة السياسية في المغرب، ومنذ و أن اعتلى محمد السادس العرش وهو شاباً، غير أن السابقة في كل هذا، هي حكومة ” الإخوان ” ( العدالة و التنمية و كتائبها ) التي لُطخت يدها بأوساخ الأحكام الجائرة في حق النشطاء، و دماء المعطلين و سرقة قوت الفقراء عبر الزيادات المتتالية في الأسعار، وكل هذا إرضائاً لأجندة عشيرتها المتعطشة للسلطة و الحكم بأي ثمن، مؤخراً ظهر الوزير الرميد و كأنه يبكي و هو يحتج على تقرير منظمة العفو الدولية وحملتها بخصوص التعذيب في المغرب، هذا الرجل لم يحتج او أمر بفتح تحقيق حينما اعتقلوا نشطاء شباب من وسط مظاهرة عمالية، هذا الرجل لم يحتج حينما يُدعي عدد من النشطاء تعذيبهم في مخافر الضابطة القضائية، خلاصة القول لقد رأى الناس كيف ان المهرجين باستطاعتهم حكي النكت و اضحاك الجميع و هما الأقرب إلى الحاكم، إلا انهم ليس باستطاعتهم حل مشكلة ما او تدخل في قضية ما.

 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *