بين”هتلر” وتراث آسفي

ادلوف هتلر، كان وحش مفترس وسفاك يأمر قواته كلما احتلت بلداً بسرقة الأعمال الفنية من منحوتات ولوحات وقطع أثرية وتفريغ المتاحف والمعارض والكنائس منها ونقلها لبلده.. أدولف هتلر الذي سفك دماء البشر وبطش وخلخل العالم كان رقيقاً حين جاء الأمر للثقافة والفنون. تحول لإنسان ودود ولو بالسرقة، ولو بتدمير ثقافة وفنون الغير. كان يعلم تماماً ماذا يعني أن يفني جسده ويحيا متحف أو كنز.

أما الحلفاء فعملوا جاهدين تلك الأيام لإرجاع كل شيء. لكن شيئاً قليلاً جدا فقط هو الذي عاد.

خرج الجنود ليحموا الكنوز والموسيقى واللوحات والتماثيل.واسسوا خلية عسكرية اطلقوا عليها اسم ” رجال الآتار”كان ذلك يشكل جزءا من المهمة الوطنية والإنسانية. الوطن المحظوظ فقط هو الذي ينتشر به الفنانون، والأكثر حظا هو الذي يملك جيشا يحمي الفنون.

بذلت جهود وأرواح ومات جنود لحماية اللوحات المستهدفة أو البحث عن المسروق منها، لم يكن الهدف مونييه أو سيزان أو جوخ، بل ما حققه هؤلاء الفنانون. كانت المهمة تقضي بحماية الوجود البشري للمجتمعات، فحين تقتل التمثال وتريق عمره وحين تحطم القطع الأثرية وتحرق اللوحات والكتب لأنها لا توافق هواك، فإنك تنهي أمر المجموعة البشرية المنتجة. تخفيها من الوجود فلا يبقى لأهلها أثر بعد فنائهم، كما حدث في العراق مؤخرا على يد الدواعش المهوسون باراقة الدماء.

ومابين هتلر وداعش، هناك مدينة مغربية اسمها آسفي، لم تكن محظوظة لانها ببساطة لا تملك اعداء هتلر وجنود رجال الآتار، فكان السقوط اصعب من الموت، حيث طال معالمها النسيان ودمرت مآترها التاريخية، وهنا نصبح مرغمون كل يوم على نشر اخبار تفيد، أن هذه المدينة ليست في حالة حرب ولا احتلال ولا بها داعش، المسألة كلها سخرية وكسل المسؤولون الدين ينعمون بقدرات هائلة من البدائية، ونقص حاد في فهم مفهوم الإنسانية، لذلك تدمر تراث هذه المدينة امام اعينهم التي لا تقيم للموضوع وزنا.

سيموت أي مجتمع بشري لكنه لن ينتهي، فثقافته سيخلدها الفن والشعر والموسيقى والأدب. هل مات أرسطو أو مات نيتشه أو دانتي أو طاغور؟ هل ماتت فرجينيا وولف؟

هل مات مجتمع خلّفه جان جاك روسو أو مر به فولتير أو غويا أو سلفادور دالي أو بيكاسو؟

وهتلر أحرق عشرات الآلاف من الكتب بالميادين العامة وأحرق عددا من اللوحات الهامة بتهمة أنها تمثل الفن الهابط مثلما أحرق اليهود. لكنه مع ذلك آمن بأن ميراثا من الفن المسروق أو غير المسروق سيخلد ذكراه للأبد.

ومسؤولي هذه المدينة، يساهمون في جريمة انسانية تستحق انزال اقصى العقوبات الجنائية.. هكذا هم الوحوش، ليس ضروريا ان يكونوا على حافة الغابة او الحلم..

وعلى ذكر الوحوش فكم مائة عام يحتاج وحوشنا ليرقوا لمنزلة هتلر؟

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *