ماذا يفعل «إخوان المغرب» في رمضان؟

مع اقتراب شهر رمضان، يبدأ التحضير من طرف مجموعات وتجمعات «ثق بنفسك – والحياة الجميلة» قائمة الاحتياجات من «البيض والثمر وأنواع السكر والشاي والخبز»، وكثيرا من «المسمن»، لمساعدة الفقراء الذين «يحتاجون فقط في رمضان». وما تجد في هذه التجمعات إلا عشائر التنظيمات السياسية «الإخوانية» الذين اعْتادوا الركوب على جهل الفقراء.

إذ كان هؤلاء في المغرب يُوزعون الحلوة، فافي المجتمع الغربي، يذهب الأوركسترا والباليه والأوبرا والفرقُ المسرحية الكبرى إلى المدارس ودور المسنين والأيتام والملاجئ والمستشفيات فتُشفى العصافيرُ من عِلّتها. ليس العصافير المسالمة وحسب، بل يذهب المسرحُ كذلك إلى الطيور الجارحة والضواري والوحوش داخل زنازين السجون والمعتقلات ليقدم عروضه.

يذهبُ الجمهورُ إلى المسرح. ولا يذهبُ المسرحُ إلى الجمهور. لا، بل يذهب. إذا ما تعذّر ذهابُ الجمهور إلى المسرح. أين؟ فقط في الدول المتحضرة. ينتخبُ المسرحُ من بين جمهوره مَن يستحقُّون أن يتكبّدَ هو، المسرحُ، مشاقَّ الترحال بكل ملكوته وديكوره وكواليسه وستائره وملابسه وموسيقاه وعازفيه وآلاته وممثليه وشعرائه وجَوقته، ليحطَّ رحالَه في أعشاش العصافير التي لا تقدر أن تطير إلى المسرح.

لأن الغرب المتقدم أدرك أن ذلك الفن العريق الراقي، مثلما يشفي الأجسادَ الواهنة، قادرٌ أيضًا على علاج الأرواح المصدوعة وإبرائها من أسقامها.

لديهم المسرح ينهض ويذهب إلى الجمهور، ولدينا، التنظيمات السياسية  تتغدى على دماء الفقراء البسطاء فهي من تذهب إلى الجمهور ولو وجد في قرية زحل، المجتمع الغربي يؤمن أن الأرواح تُغسَل بالموسيقى والشعر والرقص والفكرة والعبرة، لا بقفف رمضان وتوزيع الفتات. فالفقراء موجودن ذليل على الفساد والاستبداد، وفي هذه البلاد هناك من يحمل الالقاب بالمجان، دينيا وسياسيا، فمن نحن حتى نرفع عنه الحمل؟ نعم، إلا إذا كنا من «الإخوان» ببساطة لأن الإخوان عبر تاريخهم، لا يجيدون إلا استغلال «أزمات» الناس وحوائجهم ونواقصهم. ولا شك أن الجهل والفقر يقفان على قمة أزمات البشرية ونواقصها.

إحذروا، انهم يلعبون بورقتين مهمتين من «الكروت»، كرت الفقر، أقبحُ كروت اللعب وأكثرها دناءة. فالذي يصلُ إلى الحكم بشراء صوت الفقير، سوف يعمل قصارى جهده لكي يظلَّ الفقيرُ فقيرًا، مُعدمًا مُعوزًا، حتى يستطيع شراءَ صوته مرةً ومرّات. لن يبني له مصنعًا ليعملَ ويكسبَ قوتَ يومِه ويستقلّ، فيتعفّف عن السؤال، ويملك زمامَ قراره الحرّ. بل سيكرّس فيه الاتكالية والتبعية والتسوّل، بأن يُلقي إليه فُتات الموائد، فقط ليقيم أودَه، على أن يظلَّ تابعًا جائعًا، يترقّبُ يدَ الإحسان كلَّ نهار ومساء.

والكارت الثاني هو الجهل. وهو أقبح من كارت الفقر. فالذي يشتري صوتَ الجاهل بترويج الأكاذيب واستغلال أُميّته الدينية والأبجدية، سيبذل وسعَه لكي يظلَّ الجاهلُ جاهلاً غافلاً، حتى يشترى صوتَه مرّةً ومرّات. لن يبني له مدرسةً لكي يتخلّص من أميّته، ولا جامعة ليتعلّم ويفهم كيف يدور العالم من حوله، ولا مكتبةً ليتثقف ويستنير ويبنى دماغه ويمتلك قراره وإرادته، ولن يجلبَ له علماءَ دين ثقات محترمين لكي يخطبوا في المساجد فيمحوا الجهلَ الدينىي ويستبدلوا به نورًا وتنويرًا وإشراقًا. الفاشيون يرومون أن يظلّ البسطاءُ على حالهم من بساطة الوعي والغفلة، لكي يخدعوهم زاعمين أنهم أولو التُّقى وممثلو الإسلام ومطبقو شرع الله في الأرض.

لذلك نُصدم، حينما نرى صفحات تنظيمات ” العدل والاحسان – والعدالة والتنمية” تنشر فيديوهات لأطفال من أقصى المغرب العميق ” الفقير ” يتلون أغاني مناصرة لتنظيماتهم، ونُصدم، حينما نرى أتباع ” العدالة والتنمية ” في قرية نآية لا حياة بها ولا ماء ولا كهرباء ويأتي رمضان ويتصارعون مع الدولة للاحتلال البيوث الله، وكأنهم وحدهم المسلمون. نعم، كهذا هم، موجودون أينما وجد الفقراء البسطاء، ببساطة، لأنهم وحوش تتغدى على جهل وفقر الناس.

بئس قوم يبنون سلطانهم الواهن بجهل البسطاء. على الإخوان وغيرهم الحذرُ من التاريخ، الذي سيسطر بشاعتهم في مدونته السوداء.

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *