الفظاعة ترميك على المر !

الكل يعرف هذه البلاد، نظامها الصحي، بات نظام فظيع، امرأة تلد على قارعة الطريق، ومرضى مرميون في أروقة المستشفيات، بالإضافة إلى الأتعاب المالية المطلوبة من المرضى لبعض المستشفيات والأطباء! والأخرى المفروضة ( 60 درهم وأكثر للصندوق المسكين )، ثم هلم مايجري من أخطاء مهنية.. قطع يد بالخطأ، وطبيب نسى إبرة في بطن رجل ! ومستشفى بدون ماء ولا كهرباء ولا سرير.. ولا قفازات !

إنها الفظاعة الحقيقية التي تمارس ضد هذا الشعب، فالميزانية العامة للدولة (أقل من 4% بالنسبة لسنة 2004)، يخصص أكثر من نصفها  لنفقات الموظفين، لتبقى بذلك البنية التحتية في وضعية جمود واهتراء، حيث أن عدد الأسِــّرة في المستشفيات العمومية لا يتجاوز 92 سريرا لكل 100.000 شخص (سنة 1998)، ناهيك على النقص المهول في الأدوية والمعدات. أما عدد الأطباء فهو هزيل مقارنة مع البلدان المغاربية.

كانت إنجلترا مثلنا قبل أن تأخذ بأفكار جورج برنارد شو في كتابه «حيرة الطبيب»: the doctors dilemma فماذا قال؟

قال: لن تتقدم مهنة الطب وتصبح مهنة إنسانية وليست تجارية، ما لم نضع حائلاً بين يد الطبيب وجيب المريض، على أن تكفل الدولة للطبيب حياة كريمة براتب معقول، كما قال أيضاً: الطبيب الجائع أو عديم الضمير أشد خطراً على المجتمع من أي مجرم! فالمجرم يرتكب جريمة واحدة أو اثنتين في حياته، أما هذا النوع من الأطباء فيرتكب أكثر من جريمة كل أسبوع باختلاق عمليات لا داعي لها!

جرى في إحدى المحاضرات حول الطب، أن الذكتور حليم جريس، أمر الطلبة بأن يكتبوا ما سيقول لهم، الذكتور كان عصبي المزاج، فقال بانفعال أكتب أنت والأخر :

1 – الطبيب الذي يجّهل زميله.
2 – الطبيب الذي يغير دواء زميله وهو نفس الدواء ولكن بمسمى آخر لشركة أخرى.
3 – الطبيب الذي يجري عملية لا لزوم لها.
4 – الطبيب الذى يجري عملية وهو يعلم أن المريض لن يستفيد منها.
5 – الطبيب الذي يكثر من وصف دواء غالي الثمن وله بديل رخيص الثمن بسبب اتفاق بينه وبين شركة معينة.
6 – الطبيب الذى يفشي سراً سمعته أذناه أو رأته عيناه.
7 – الطبيب الذي ينظر لفتاة جميلة نظرة قذرة غير طاهرة.
8 – الطبيب الذي يسمح لمريض أن ينال من زميل له، خصوصاً إذا كان الطبيب لم يخطئ… إلخ.

حكى لي زميل يعمل في هذا المجال، كيف جاءه في يوم من الأيام مريض، مريض يشكو من البروستاتا، واستهل كلامه بقوله: الدكتور فلان الفلاني.. الله اخليها عليه، مشيت عندو باش اعمل لي عملية فتق إربي، صدق محيد لي الخصية.. وااش كاين شي حد ادير هاك ؟!

سأله الطبيب: هل كان الفتق كبيراً؟
قال: نعم.. كان نازل في الكيس!
قال له الطبيب: أنت رجل في الثمانين، والدكتور فلان الذي تشكو منه، أراد أن يضمن عدم ارتجاع الفتق، فاستأصل الخصية، وهذا أمر مذكور في المراجع الطبية، ولو كنت مكانه لفعلت نفس الشيء، ولعلمك، دكتور فلان هذا لو قابلته في الطريق لا أعرفه!

فحصى الطبيب الرجل، وأرسله لعمل آشعة، فعاد إليه في اليوم الثاني، ومعه زجاجة عطر جميلة هداها إلى الطبيب!

فلما سأله الطبيب: لماذا؟ أنا لم أفعل لك شيئاً!
قال: بل فعلت الكثير، أرحتني، لأول مرة أنام وقلبي مرتاح من الدكتور فلان!

الطب.. هذه المهنة النبيلة، والطبيب هذا الإنسان الرائع الذي يكون من أقرب الناس إلى القلوب إذا التزم ضميره، وأبعدهم عنه إذا مات ضميره، صحيح أن الطبيب كإنسان قد يصيب وقد يخطئ، ولكن يكفيه فخراً وشرفاً أنه يصارع المرض والموت من أجل الإبقاء على الحياة.

وأخيراً jamison hurry الإنجليزس يطلب من أطباء العالم جميعاً أن يكون رمز مهنتهم إيمحوتب، أي القادم في سلام، وليس أبوقراط، لأن إيمحوتب شخصية حقيقية من لحم ودم وليست شخصية هلامية مثل أبوقراط.حرمين الشريفين، عن التصرفات اللامسؤولة التي صدرت عن القيادة الحالية لحزب الأصالة والمعاصرة”.

لقد قال مصريون القدامى، اللي رماك على المر.. الأمر منه.. أي الذي اضطرك للدواء هو المرض!، فنقول نحن اليوم، الفظاعة ترميك على المر وليس وحده، وإنما المر واليأس والفقر والحرمان.. الفظاعة عندنا عندما يغيب العدل والعدالة الاجتماعية وعندما يغيب المشروع السياسي وعندما تغيب الدولة وتتحول ذاتها إلى دراكولا تتغدى على دماء مواطنينها !

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *